الأحد، 30 مارس 2014

التجديد الديني

في معنى "التجديد" الديني
ربما لا يشعر المسلمون بالحاجة إلى الإصلاح الديني قدر شعورهم اليوم مع تصاعد العنف الطائفي والمذهبي القائم على تصورات دينية لطوائف منحدرة من أصول إسلامية أو لحركات تمتح من الإرث الفقهي التقليدي الذي يحمل بصمة التاريخ الذي نشأ فيه. التجديد الإسلامي والإصلاح الديني بات ضرورة تاريخية، ما عاد من الممكن تجاهلها، والمعضلة برأينا ليست في التحمس للتجديد الديني، بقدر ما هي في معنى "التجديد الديني" الذي يتعدد معناه تبعاً لتعدد الرؤوس!
1. كيف ظهر مفهوم "التجديد" في العصر الحديث؟
يخلط البعض بين مفهوم "التجديد" الإسلامي الذي ظهر في منتصف الستينيات وبين مفهوم "التجديد الذي كان شعاراً للعلمانيين الحداثيين في عشرينيات القرن الماضي في مصر". الذي رفعته ثلة من الأدباء والأساتذة المصريين (بعضهم من تلاميذ الشيخ الإمام محمد عبده) ودعت تحت مظلته إلى "تغريب العقل المصري" تحديث العقل المصري، وكان هؤلاء قد بَدؤوا بالدعوة إلى "الاحتفاظ فقط بالعقيدة الإسلامية" غير أنهم ما لبثوا أن انتهوا إلى القطيعة مع الدين!

"الإصلاحية الإسلامية" التي كانت تمثل مدرسة محمد عبده تفرعت عنها مدرستان، الأولى اتجهت نحو الحداثة والعلمانية بمعناها الفلسفي والديني وليس السياسي فحسب، والثانية نحو السلفية بعدما رأت تحلل إصلاحية محمد عبده، وأدى ظهور عدد من تلامذته الحداثويين، ثم سقوط الخلافة العثمانية التي مثّل سقوطها الرمزي سقوطاً مدوياً في أعماق الذات المسلمة، ما تزال - إلى هذه اللحظة - تعاني منه.
في تلك الفترة أوشك أن يصبح هذا المصطلح منسياً، في الوقت نفسه فقد شعار "الإصلاح" الديني الذي يمثل شعار مدرسة محمد عبده بريقه، فيما تزايدت في الوقت نفسه حدّة التحديات، فقد ظهر المد القومي وحكوماته الدكتاتورية، وترافق ذلك مع ظهور الشيوعية في العالم العربي بشكل موجة عقائدية عاتية، ووقع الشارع العربي والإسلامي تحت وطأة إحساس عميق بالهزيمة بعد ضياع فلسطين وسقوطها في أيدي الاحتلال، وبذلك أصبح الفكر الإسلامي بحاجة إلى "شعار" يستنفر فيه الوعي الديني، ويطلقه لمواجهة هذه الظروف الصعبة، مما مهّد لظهور شعار "التجديد" الذي عثر عليه في تلك اللحظة الحاسمة بما يشبه الاكتشاف، وتم تبنيه فجأة وبشدّة.
ولهذا، فإننا نجزم أن شعار "التجديد" لم يكن مجرد استنباط من النص النبوي، واستعارة منه، بل كان النص النبوي يحضر لإثبات مشروعيته لا العكس، وهذه الحقيقة يجب ألا تجعلنا ننظر إلى المصطلح بعين الريبة؛ لأنه - في النتيجة- أصبح محكوماً بالنص، ما دام ينتسب إليه.
إذا كنا لا نستطيع أن نحدد بدقة اللحظة التاريخية التي ولد فيها مصطلح التجديد الإسلامي، فإنه يمكننا مقاربته في الحقبة الزمنية الممتدة بين منتصف الخمسينيات وأوائل الستينيات، وذلك بالرغم من ظهور مقال للشيخ أمين الخولي (الأستاذ في كلية الآداب في جامعة القاهرة) عام 1933م في مجلة الرسالة (عدد 13) تحت عنوان "التجديد في الدين" وهو أول مقال نعثر عليه في هذا الموضوع، ثم كتب المودودي سنة 1948م كتابه باللغة الأوردية "موجز تجديد الدين وإحيائه" ذلك لأنه حتى منتصف الخمسينيات كان مصطلح "التجديد" ما زال هامشياً، ومصطلح "الإصلاح" كان ممثلاً للخطاب الإسلامي المتحدّي للأزمة المعاصرة .
بين كتاب المودودي ومن قبله مقالة الخولي وبين كتاب إقبال "التفكير الديني في الإسلام" (بترجمته العربية) وكتاب عبدالمتعال الصعيدي "المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر" اللذين صدرا عام 1955م لا يوجد ما يشير إلى هذا المصطلح(التجديد)، وسنشهد بعد صدور هذين الكتابين عددا من الكتب تحمل في عنوانها مصطلح «التجديد» مما يشير إلى أن ظهور المصطلح كان في هذا الوقت بالذات، ومما يؤكد هذه المقاربة الزمنية أن عبد المتعال الصعيدي(المذكور آنفاً) نفسه كان قد أصدر كتابه"تاريخ الإصلاح في الأزهر" في أوائل الخمسينيات الذي يعتمد فيه كلياً على مصطلح"الإصلاح" حتى إذا كتب "المجددون في الإسلام" كان مصطلح التجديد قد أخذ يحل بشكل نهائي وكامل مكان "الإصلاح".
إن أهم ما يمكن ملاحظته في مصطلح "التجديد" أنه وريث إصلاحية محمد عبده، أولاً، وثانياً أن الشاغل الأساسي له يتلخص في"تحدي الغرب" المتمثل في هيمنته الحضارية والسياسية والثقافية.
إذا كان مفهوم «التجديد» مرتبطاً منذ صدر الإسلام بـ "تحديات العصر"، فإن مفهومه سيجد اليوم إجابات عديدة، وبالتالي مفاهيم عديدة في وقت واحد، ولأن هذا النوع من الإجابات ليس بمستوى وضوح الإجابات في عهود السلف، فإنه من الطبيعي أن يؤدي الانقسام حوله إلى انقسام في الوعي الإسلامي لن يزول - بطبيعة الحال- إلاّ بزوال السبب نفسه، أعني التحدي المتمثل في هيمنة الغرب الحضارية.


2. اتجاهات تفسير «مفهوم» التجديد:
- "التجديد" سلفياً: برز اتجاه متمسك بتفسيرات السلف الصالح لمصطلح التجديد، واعتبر الخروج عليه نوعا من الابتداع والتحريف في الدين، وأبرز من يمثله صاحب كتاب "مفهوم التجديد: بين السنة النبوية وأدعياء التجديد المعاصرين" الدكتور محمود الطحان، وبالرغم من أهمية الدعوة للتمسك بكلام السلف. وإذا كان "إحياء السنة وإزالة البدعة" و"إحياء الدين" هي مقولات التجديد لدى السلف، فإنها أصبحت اليوم في معظمها من مُسَلَّمات المسلمين، لكن المشكلة تكمن دوماً في التحديات الجديدة.
ومن الملاحظ أنه في هذا الاتجاه يبرز تحديد مفهوم "التجديد" بـ "الاجتهاد في مستجدات العصر" ومستجدات العصر هنا ليست إلاّ مستحدثات فقهية.
- التجديد كاجتهاد مفتوح: يستخدم مفهوم التجديد لدى شريحة واسعة من الكتّاب والمفكرين بمعنى "الاجتهاد" المفتوح، الذي يتمرد على الأطر المذهبية، ويتجاوز الحدود الفقهية، أي يصبح الاجتهاد - حسب تعبير العلامة فتحي الدريني- "تعقل واكتناه حقائق التشريع وأسراره" والتفاعل بين عقل المسلمين وأحكام الدين الأزلية.
في هذا الاتجاه لا يعود هناك حدود للاجتهاد، ما دام الأمر يعني أن الاجتهاد علم له قواعده، وما دام أن الوقف عند النّص(تفسيراً وتأويلاً) شرط لاعتباره في دائرة الإسلام، فإن الاجتهاد لا يصبح له حدود إلاّ حدود النص نفسه.
لكن يبقى أن الذين يدعون إلى اعتبار التجديد "اجتهاداً" مفتوحاً ينقسمون إلى فئتين:
الأولى: تعتمد مرجعيّة العلوم الإسلامية المعروفة، وتجد أن فيها كفاية لتحقيق الاجتهاد، في حين أن الفئة الثانية تتوسل بالإضافة إلى ذلك بالعلوم الغربية، ونظراً لارتباط هذه العلوم بالغرب، فإن ثمة حساسية لازمة بين كل من الفريقين تجاه الآخر، حيث يرى بعضهم أن الغرب كل واحد لا يتجزّأ، لا ينفصل فيه الثقافي عن السياسي، والأهم أن هذا الاتجاه يقوم على أن المشكلة تكمن في شقين: الأول هو وعي المسلمين وذهنهم، الذي تراكمت عليه أحداث واجتهادات أربعة عشر قرناً هجرياً، والثاني هو الواقع الموضوعي المشاهد والمتمثل في الغرب، وبالتالي فإن الحل الذي يفترض لذلك فتح باب الاجتهاد من أجل كشف الخلل القائم في الذهنية المسلمة من أجل بعث قدراتها من جديد في الإبداع والتحضر والتقدم، والاستفادة من علوم الغرب وتحديه بأدواته نفسها، والسيطرة على الواقع الذي أفرزه هو بالدرجة الأولى.
- اتجاه إصلاح مناهج الفكر: تشخيص الأزمة في هذا الاتجاه، تولد عنه مفهوم أكثر تحديداً للاجتهاد، في هذا الاتجاه ينظر إلى أزمة المسلمين على أنها ليست أزمة تتعلق فقط بتراثهم أو بواقعهم الخارجي، بل هي أزمة أكبر من ذلك، هي أزمة تتعلق بالحضارة الإسلامية برمتها، تتلخص في فقدان السيطرة على الواقع وتوقف الإبداع الفكري والتقدم المادي لدى المسلمين، بمعنى أن التحولات التاريخية المعقدة في العقل الإنساني وتركيبه الاجتماعي وتطور العلاقات الإنسانية وتغيير منطق الحياة اليومية مع ولادة تكنولوجيا تتحكم في كل لحظة بحياة الإنسان، والتقدم المثير في المعرفة أصبحت المدارس الفكرية الإسلامية المترشحة عن جهود السلف في وضعها الحالي عاجزة عن التحكم بهذا الواقع؛ أي أنها أصبحت مستنفذة تاريخياً، فالأزمة وجدت في ظل هذه المناهج والمدارس التقليدية، ومن جهة ثانية فإن هذه الأزمة التي وجدت فيها المنهجية الإسلامية "التقليدية" سمحت للمتعلمين من أبناء المسلمين أن يستلبوا للغرب بسهولة، وهكذا فإذا كان علينا أن نخرج من هذا فإن ما تقتضيه هذه الرؤية هي أن التجديد الديني يعني إنشاء ما يشبه نسقا فكريا(Paradigm) جديدا إذا جاز لنا استعارة نظرية توماس كون في "بنية الثورات العلمية".



  
منقول

مفهوم التجديد الديني

                                                               مفهوم التجديد الديني

منذ الحركة الثورية التي دعت إلى الإصلاح الديني – المسيحي – في أوربا ليتقبل العقل الغربي تعاليم كنيسته التي تفرقت واختلفت في :
* تعاليمها الرئيسية.
* وتشريعاتها السلوكية.
* ومناسباتها الدينية.
منذ ذلك الحين والمفاهيم الدينية يحوطها ضباب كثيف... حتى صارت فكرة التجديد الديني "موضة" يتعشقها المارقون على الدين، ويقبلها السذج في العاطفة والثقافة، والعقيدة.
ومن غير تردد، فإن كل فكرة تدعو إلى التجديد في الدين في الشرق الإسلامي أو يكون فيها تطاول على سدنته، وعلمائه، هي دعوة تقليدية للعمل الأوربي القديم الذي حطم كبرياء الكنيسة في ظل الثورات الدينية، والعسكرية، للدوافع الاجتماعية والسياسية والنفسية، التي ربما كانت تقتضى ذلك.
وليس أدل على تفاهة موضوع ما، يدعو به إنسان ما، مهما كانت قيمته العلمية من أنه ينتحل أسلوبا لغيره في زمن لا يسعفه الوضع الاجتماعي، ولا التهيئة النفسية المستقيمة لقبول منطقة. ويدعي – مغالطة – أصالة دعوته، ويا ربما استقر في عقله الباطل إشراك بما يتوهمه عقله الظاهر المقلد.
ومن أمثاله، تلك القضايا – في شرقنا المسلم – أصحاب دعوة التجديد الديني في الإسلام، الذين يتعبون أنفسهم، وأقلامهم، في شرح مفاهيم فكرتهم بحجة سماحة الإسلام ويسره.
ولقد كان ينبغي لأصحاب هذه الدعوة أن يستعرضوا كتاب الله الكريم، ليروا مقدار ما يكون لدعوتهم من البوار، أو الرواج، عندما تحدد مفاهيم التجديد الديني، تلك القصاصة التي نقلوا عنوانها من أحداث أوربا في عهدها المظالم القاسي إلى حياتنا المعاصرة في ظل الإسلام الحنيف .
وبوضوح فإن القرآن يحدد :
1-    "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ".
2- وأنه لا مجال للتشريع بالرأي ما دام هناك نص عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقضي بذلك القرآن الكريم : "ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا ".
3- وأن الجهة الخاصة بالتشريع للأمة هي ما توضحها الآية الكريمة : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم "فجهة التشريع، والفتوى خصصها القرآن بطائفة محددة:
إنها الجماعة التي هيأ الله لها :
1-وضوع المعرفة الدينية.
2-والفقه اللغوي للعربية الفصحى، وإدراك سر المعاني.
3- والأمانة العلمية الدقيقة.
4- والسلوك الديني الرفيع.
5-والغيرة على ربط الحياة في مجرياتها، للفرد والجماعة، والأمة بقواعد الإسلام: نصوصه، وروحه.
وهذا النسق الأصولي للتشريع الإسلامي مراده ربط حياة المسلمين في كل زمان ومكان بثقافتهم التي افتتحها الله تعالى لهم بالقرآن الكريم، وغذاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة الإسلامية المطهرة.
وإذن: فكل تطاول على مفاهيم التشريع الإسلامي وأصوله، وأئمته، هو اعتداء على الثقافة الإسلامية الأصيلة في مجال تطبيقها على أمتها.
والمعركة دائرة منذ التوسع الإسلامي في الأندلس، ومناهضة البرتغال لهذه الحركة الإنسانية، بالاستيلاء على الموانئ الإسلامية -في الشرق الأقصى – المعركة دائرة منذ ذلك لحين – حول تحطيم الإمبراطورية الإسلامية.
من المفهوم جيدا أن أية أمة عظمى لا تدك حصونها إلا يوم أن تتلاشى شخصيتها ومقوماتها.
ومقوم الأمة العربية، هو الإسلام بأصوله، وفقهه، وأئمته.
ولهذا فقد أراد المخطط الاستعماري أن يزاوج بين وسيلتي الاستعمار العسكرية والثقافية، ذلك أن أمر الاستعمار العسكري قريب الأجل، أما الغزو الثقافي فإنه يستقر في الدم ويملك زمام العقل، ويسيطر على الوجدان والسلوك . ومن هنا فقد ربى له مدارس خاصة تناهض الأمة الإسلامية مع زحمة الحديد، وضغط الجيوش. والمتابعون لهذه الخطط يستطلعون هذا المكر في تيارات الهدم من أبناء الشرق في حركات.
1-الشعر الجاهلي .
2-أصول الحكم في الإسلام.
3-ولدينا دعوة جديدة هي التوأم الثالث وهي فكرة التجديد الديني وتستند كل ما تستند هذه القضية إلى مفهوم خاص في معنى الإجماع.
وعلى أية حالة فإن دراساتها لكتب أصول الفقه هي دراسة المبغض المتلمس وشيجة – في زعمه – واهية ليقطع بقية الأواصر والأوشاج.
والحق أن مفهوم الاجماع هو تنظيم الحياة الإسلامية للأمة في حادثة جديدة ليس لحكمها نص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بروح الشريعة الإسلامية. بحيث لا يكون هذا الحكم مفرخا لمشكلات أخرى لا تتفق مع أحكام الشريعة أو تصطدم مع العقائد الأساسية في الدين، أو لا تتسق مع أهداف الإسلام وأخلاقه.
ومعنى هذا : أن الإجماع الأول مفهومه حرص دقيق على استمرار الحياة الإسلامية مرتبطة بمفاهيم ثقافة الإسلام الأولى، وإذن فدعوى إحلال مجالس التشريع المعاصرة محل هذا الإجماع الشريف دعوة للتحلل من انتظام حياتنا المعاصرة مع الحياة الإسلامية الأولى.
ويظهر هذا التحلل مع ما يذكر من علة " أن الاجماع المعاصر شاهد مجداً من الحضارة والقانون والعلوم... إلخ لم يشهدها الإجماع الأول ". ومعنى هذا : انتصار للثقافة الغربية في ميدان التطبيق على الثقافة الإسلامية في عقر ديارها.
ومن جانب آخر: لو كان لأصحاب دعوة التجديد الديني في الإسلام وضوح في إخلاص النية، لاتجهوا من فورهم بهذه الفكرة إلى الجهاز الذي أقره " إجماعهم " الذي يؤمنون به في دعوتهم، ويعرضون عليه تفاصيل ما يدعون إليه
فإن الدولة في نهضتها العربية المسلمة قد أنشأت بالقانون رقم 103 لسنة 1961 مجمع البحوث الإسلامية.
1-لتستمر شعوب العالم الإسلامي والأمم العربية متجه نحو قيادة الأزهر في مجال الدعوة الإسلامية.
2- ولتبعث من جديد مواريثنا الثقافية القديمة.
3-ولتهذيب الثقافة الإسلامية من الفضول والشوائب التي رماها بها الاستعمار الفكري الأوربي القديم والحديث.
4-ولينشط العمل الإسلامي في حياة الشعوب المسلمة على نظام من قواعد الإسلام ولتوضع له الحلول في كل ما يعن لمجتمعاتهم من مشكلات.
ومعنى هذا : أن مجلس الأمة قد أعفى نفسه من النظر في التشريعات الدينية وأنشأ لها جهازاً جمع فيه جهابذة العلوم الإسلامية والقانونية والحضارة ليحقق ما انعقد عليه من آمال.
وأخيراً نقول لأصحاب فكرة التجديد إن الدولة في تخطيطها الشامل لميادين الإصلاح قد ربطت العلماء وأصحاب الفكر بأجهزة يتوجهون إليها كل في اختصاصه.
لولا أن سنة الأجداد لا تزال تتعب سلوك الأحفاد إذن ما سطع نور الحق، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
إن هذه الشرق قد ولد على يد العقيدة وانتشر في نهضة واسعة بعزة الإسلام وليس لتاريخه وحضارته سند إلا هذا الدين، فليرجع عنه تلاميذ المخطط الاستشراقي العجوز وليخلعوا ثيابهم الخادعة بكلمة الإسلام، لتظهر سوأة الإلحاد فإنه لا عاصم لهم من أمره الله. وبالله التوفيق.

** المصدر: مجلة الأزهر (جمادى الآخرة 1384هـ= نوفمبر 1964م).

مفهوم: الإصلاح الديني

مفهوم "الإصلاح الدينى



      فى ظل غربة الإسلام التى نعيشها والبدع والمنكرات التى تجد له أبواق تدعو إليها وفئام من الناس يتولون كِبرها ، فى ظل كل هذا تظهر مصطلحات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قِبله العذاب ....!!!وإلى الله المشتكى !!!

ومن هذه المصطلحات : الإصلاح الدينى

فينبغى التَحفُظ من مثل هذه الإطلاقات ، لما قد تنطوى عليه من أفكار خبيثة ..
فالدين هو (( وضع إلهى سائق لذوى العقول السليمة لما فيه صلاح دنياهم ، وسعادة أُخراهم ))
وهذا التعريف مأخوذ من قوله تعالى ((.....الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))

وحيث كان الأمر كذلك :: فلا يُمكن لبشرٍ أن يتناول الدين بإصلاحٍ أو تهذيب ، لأن ما وضَحه الله وأكمله لا يُتصور أن يُتناول بإصلاح ، إلا أن يُقصد بذلك الإصلاح "تجديد الدين بإحياء السنن والشرائع ، وإماتة البدع والحوادث ، والإجتهاد الصادر من أهل المحصلين شروطه ....

إنَ كلمة "الإصلاح" :كلمة مطَاطة استُخدمت بكثرة بكثرة فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين من قِبل فئات كثيرة ، لذا كان لا بُدَ من تحديد معالم هذا الإصلاح ، ولا يكفى أن تكون الغاية هى ((الإصلاح))!!

بمعنى :: أن كل من نادى بإصلاح الأوضاع يكون "مُصلحاً" !!!
فكل فِئة وكل أصحاب فكر يدَعون الإصلاح حتى المنافقون {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }البقرة11

ولو نظرنا فى التاريخ القريب :: لوجدنا أن ""محمد على باشا " _مثلاً وأمثاله من التغريبين_ هدفوا من إجراء سياستهم وتنظيماتهم إلى الإصلاح ........ولكن أى إصلاح؟؟!!!

إنه إصلاح على الطريقة الغربية يرمى فى غايته إلى إحلال القوانين الغربية محل الشريعة الإسلامية وإلى الله المشتكى !!!

فلا بد من تحديد مفهوم الإصلاح الذى هدفت إليه جميع الحركات الإصلاحية ، واعتبرته غاية لها ..

إن الإصلاح :: مصطلح قرآنى فقد قال تعالى على لسان نبيه "شعيب" _عليه الصلاة السلام_ ((.....ِإنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

ومعناه :: الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذى يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه ، وهو إصلاح على منهج الأنبياء ، يُعرف أن نجاحه متوقف على توفيق الله_عزوجل_ والتوكل عليه ، وفوق ذلك الرجوع إلى الله عند السير فى خطواته والعمل من أجل تحقيقه ....

فلا بد إذن ::أن يكون الإصلاح على منهج الأنبياء ، وبالتحديد على منهج إمام الأنبياء _صلى الله عليه وسلم_ الذى قام بأعظم إصلاح عرفته البشرية فى تاريخها الطويل ، وجنى ثِماره المسلمون رِدحاً من الزمن تقدماً وقوة وحضارة ....

وما واجب أى حركة إصلاحية أو مصلح دينى إلا الرجوع إلى ذلك الإصلاح العظيم ومحاولة إحيائه من جديد....
إنَ الإصلاح هو :: ما استهدف الرجوع بالأمة إلى ما كان عليه الرسول _صلى الله عليه وسلم_ والقرون المفضلة ، فى العقيدة والسلوك والمعاملة بالوسائل المشروعة ..
أى بإختصار شديد :: ما كان على ((المنهج السلفى)) وأى عدول أو إنحراف عن ذلك المنهج فلا يؤدى إلى إصلاح حقيقى يُرضى الله _عزوجل_ وتتحق من خلاله مصالح البلاد والعباد .....

والحمد لله رب العالمين....


السبت، 29 مارس 2014

دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الدعوة الوهابية)

دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

المؤسس:
هو الإمام محمد بن عبد الوهاب (1115 – 1206هـ) صاحب الدعوة الإصلاحية في نجد التي اشتهرت بـ “الوهابية” 
ولد في بيت علم ودين في بلدة العيينة حيث كان والده قاضي العيينة، وكان الشيخ قوي الذهن فحفظ القرآن الكريم وهو صغير، ثم درس الفقه الحنبلي، ثم رحل في طلب العلم في الحجاز والعراق، وعاد إلى نجد سنة 1139هـ،
كان حريصاً على إصلاح الأوضاع في نجد بعد أن انتشرت الخرافات وعُبدت القبور، وكان له ما أراد بعد أن وقف بجانبه "محمد بن سعود" أمير الدرعية،ـ في عام 1157 هـ ـ حتى اتسعت الدعوة والدولة لتشمل نجد وغالب الجزيرة العربية، بل تأثر بها كثير من المصلحين في العالم الإسلامي. 
دعوته:
قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته للقضاء على الشوائب التي أدخلت على الإسلام في صفائه و نقاوته رغبة منه في تصحيح العقائد و تنقيتها من مداخل و البدع مثلما سار من قبله دعاة منهم أحمد بن حنبل ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الشام.. كلهم و غيرهم من أئمة الإصلاح و التجديد يخالفون البدع وما درج عليه أهل السنة و الجماعة.
         فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سلفية تصحيحية نبعت من وسط الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر في وقت كان المسلمون - لا في الجزيرة العربية وحدها بل في كل مكان أحوج ما يكونون إلى ما ينقذهم من الجهل الذي ران عليهم و تصحيح مفاهيمهم في أمور العقيدة و العبادات التي أشدها الجهل بأمور الدين و الإقتداء بعلماء يجهلون أمور دينهم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق فيما يخشاه على أمته من العلماء المضلين الذين يفتون بغير ما أنزل الله فيضلون و يضلون في قوله الكريم " إن الله لا ينزع العلم بعد ما أعطاكموه انتزاعاً و لكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال فيستفتون فيفتون برأيهم فيضلون و يضلون " مسلم.

        فقد جاءت دعوة الشيخ محمد لإزالة ما علق بتعاليم الإسلام من شوائب و تصحيح ما أدخل على التوحيد و خاصة توحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات من مشاركة للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو لله جل و علا مقروناً بالمخلوق في العمل و الاعتقاد و تعطيل أسماء الله و صفاته جل و علا أو نفيها و السير خلف تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان .
      فصار التوحيد بأقسامه الثلاثة : الربوبية و الألوهية و الأسماء و الصفات مشوباً بما يكدره حيث دخل عليها في المعتقد ما يصرفها عن حقيقتها نظراً للتأثر بالمعتقدات البعيدة عن المنهج الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم الإقتداء بأصحابها بعد أن بهرهم القول و أعجبهم المظاهر و الدعوات لأمثال من قال الله فيهم { و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد } .
    وما ذلك إلا لأن النفوس خليت من العلم و الإدراك بما شرع الله لخلقه و معرفة الحكمة من إيجادهم للحياة .
     لقد نشأ عن ذلك الضعف العلمي و نقص في الإدراك و تقليد للأمم الغلبة و المؤثرة فكثرت الطرق الصوفية التي بدأت برغبة دينية و حرص على التبتل و المحافظة على الإسلام فكانت بدايتها طيبة و هدفها نبيل
   إلا أن الجهل و رغبة التوارث لهذه المكانة الاجتماعية التي جاءت باسم المنصب الديني قد جاء برجال لا علم عندهم و لا قدرة لديهم في فهم الشريعة الإسلامية في كثير من الأمور..
    و لكي يعود للإسلام نقاوته و صفاؤه من كل شوائب دخيلة عن جهل أو تقليد سواء من الديانة اليهودية أو النصرانية أو من جذور الجاهلية فإنه لابد من الامتثال لأمر الله جل و علا في مثل قوله سبحانه { و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي و لا نصير } .
      و إن علماء المسلمين العارفين بأمور دينهم فهماً حقيقياً لهم الذين عليهم دور التوضيح و الإرشاد و التوجيه و التبيين حسبما يأمرهم بهذا مصدر التشريع في الإسلام كتاب الله و سنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة التي خدمنا فيها علماء الحديث المعروفون .
         و الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واحد من ذلك الجيش الذي انتهج طريقاً يتفق مع رسالة الصفوة الأولى من التابعين و اتباعهم بإحسان للإصلاح و العم فقد أدرك ما يعيش فيه مجتمعه من صوفية متطرفة رغم وفرة العلماء و ما سار عليه أبناء جلدته من تعلق بالقبور التي لا تنفع و لا تضر و تبرك بالأحجار الجامدة ووضع الكلام في غير محله .
     فكان الناس يتعقلون بتلك الجمادات طلباً للنفع أو دفعاً للضر و نسوا أن الله هو النافع الضار القادر على كل شئ و إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم .
ـــ لقد شق هذا الأمر عليه لما فيه من جرأة على الخالق بصرف القلب و العمل إلى غيره مع أنه هو المنعم و المتفضل سبحانه بكل شئ .
     و يمكن وصف حالة المجتمع الإسلامي في كل مكان ذلك الوقت و ليس في نجد وحدها
فكثرت البدع و الخرافات فالعلماء موجودون و لكنهم لا يرشدون الناس للطريق الأقوم بل أضلوهم و أفسدوا عقائدهم.
    و من هنا بدأت غيرة الشيخ محمد و تحركت همته للدعوة أداء لرسالة المعرفة و تنفيذاً لما يأمره به العلم حيث رأى أن العلم لا بد أن يقترن بالعمل و أن الأمانة توضيح ما خفي على الناس و ما يجب عليهم عمله و يتحتم عليه تركه من أمور هي من الإسلام تركت و أشياء أدخلت عليه و سارت في حياة الناس على أنها من مستلزمات العقيدة أو جزء من أوامر الدين و هم لا يدركون الحقيقة .
الدعوة الجديد و آل السعود:
     حرص آل سعود على نشر و تبلغ الدعوة لحكام المسلمين بالمكاتبات و بعث المندوبين اقتداء بأسلافهم في أداء الأمانة و تبليغ ما قاموا من أجله أخذاً من قول الله سبحانه : { و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسئلون } (سورة الزخرف آية 44 )
       فالإمام سعود بن عبد العزيز – و هو الإمام الثالث من الدولة السعودية الأولى – قد بعث بعدة رسائل يشرح فيها حقيقة التوحيد و أصول الدين الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صافياً نقياً من الأمور التي أدخلت عليه و بلغه للناس بصدق و أمانة ، عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ،،من ذلك رسائل شمال أفريقيا : تونس و المغرب الأقصى و غيرهم ، لما ما دخل مكة في عام 1219 هـ
       و كانت هذه الرسالة توضح ما قام به الإمام سعود ووالده من قبل ليزيل ما قد يكون علق بالأذهان من أكاذيب قيلت عن الدعوة و نفاها الشيخ محمد بن عبد الوهاب قبل وفاته..     
المعارضون:
        كان يقيناً أن تلقى هذه الدعوة التصحيحية السلفية جحوداً و نكراناً من المقربين العارفين و توجساً و خيفة من الآخرين المتطلعين و عداء من الخصوم و أرباب المصالح .
   و من هنا بدأت الاتهامات تتوافد و السهام تشرع و الأفكار تعمل لحبك الأكاذيب و اختراع الألقاب المنفرة .
     و هذا شئ ينتظر في كل أمر جديد و فكر مناهض لما ألفه الناس و ساروا عليه قولاً، و عملاً فقديماً قال عرب الجاهلية للنبي صلى الله عليه وسلم " إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون " .
      بل حتى بعض العلماء من نجد عارضوا الدعوة و ناوؤوها و خرجوا من نجد يحملون العداء للدعوة و الكذب عليها و تشويهها أمام المسلمين فاقتنع بكلامهم و دعواهم البعيدون و تأثروا بمقالاتهم بينما لم يعرفوا عن الدعوة شيئاً من غير هذا الجانب و لم يدركوا سبب الافتراء عليها و مبررات الكذب و البهتان ضد الشيخ محمد و دعوته.
الاستعمار . . و مواجهة الدعوة
      كما هي عادة أعداء الإسلام لا يدخلون في المواجهة مع الإسلام لمعرفتهم بعدم الصمود، و لكنهم يستغلون فئات من المنتمين للإسلام.
      أولاً/ فالإنجليز مثلاً لمسوا آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في أعظم مكان يعتزون باستعماره و الاستيلاء على خبراته عندما تلقفها الهنود على يد الداعية الإسلامي : أحمد بن عرفان الشهير بأحمد باريلي ، و أتباعه و في حركات أخرى مثل " تيتومان "
      تلك الدعوات التي ناوأت القاديانية الكافرة التي أرادها الإنجليز واجهة إسلامية تحقق مآربهم و ينضوي تحتها من لا يعرف من الإسلام إلا اسمه .
     و يظهر انزعاج الإنجليز و حرصهم على القضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي تمثل يقظة جديدة في الدين الإسلامي و دعوة إلى فهمه من مصادر الصافية : كتاب الله ، و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم،،
       ثانياً/ الفرنسيون أيضاً لهم دور فقد أحسوا باهتمام الشمال الإفريقي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و حرصهم عليها في مثل :
·       اهتمام سيدي محمد بن عبد الله العلوي ، سلطان المغرب الأقصى بها حيث قام بمحاربة البدع و الانحراف،و يدعوا إلى العودة إلى الاجتهاد و إلى السنة
·       و قد تحث الباحثون عن الحركة السنوسية التي أسسها محمد بن علي السنوسي و أنه تأثر بها عندما كان يطلب العلم في مكة
المنصفون:
      أما في بعض ديار الإسلام فهناك أصوات منصفة قالت الحق عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مثل :
- الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان".
- الشيخ محمود شكري الألوسي العراقي في كتاب ألفه عن تاريخ نجد .
- الشيخ أحمد بن سعيد البغدادي – العراقي في كتابه " نديم الأديب " .
ـ الشيخ جمال الدين القاسمي ، و الشيخ عبد الرازق البيطار ، و الشيخ طاهر الجزائري ، و الشيخ محمد كامل القصاب في أرض الشام
ـ هذا إلى جانب آراء كثير من العلماء مثل :
السيد محمد رشيد رضا في كتابه " محاورة المصلح و المقلد ، و كتابه الآخر " الوهابيون و الحجاز " . و محمد كرد علي ، و شكيب أرسلان، وعلي الطنطاوي ، و الزركلي ، و عبد المتعال الصعيدي في " المجددون " ، و حامد الفقي في " أثر الدعوة الوهابية "، و الدكتور أحمد أمين في " زعماء الإصلاح ، و محمد قاسم في " تاريخ أوروبا و مناع القطان في دعوة الإسلام " ، و عبد الكريم الخطيب في " محمد بن عبد الوهاب "، و مسعود الندوي في كتابه " مصطلح مظلوم و مفترى عليه " ، و الدكتور محمد جميل غازي في كتابه " مجدد القرن الثاني عشر ، و أمين سعيد في كتابه " سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب "، و مسلم الجهني في كتابه " أثر حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي " و غيرهم كثير جداً .

من أقواله رحمه الله:
ü     (لست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمّته وآخرهم وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أُشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنّها على الرأس والعين، ولأضربنّ الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلا الحق..)
ü     (ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع)
ü     (وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات، والأقوال والأفعال. قال الله تعالى: )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم، فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله، فما وافق منها قبل، وما خالف رد على فاعله كائناً من كان..)
ü     (وأقر بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئاً، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله)
ü     (.. الواجب عليهم حبهم وأتباعهم والإقرار بكرامتهم، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال، ودين الله وسط بين طرفين، وهدى بين ضلالتين، وحق بين باطلين)

تقييم:
قام بعض الدارسين لهذه الدعوة  ببحوث موضوعية وخرجوا بنتيجة:
1-    أنها ليست حزباً له تنظيماته: و إنما هي تجديد لدين الله على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام و سلف هذه الأمة الأخيار.
2-    أنها ليست مذهباً يخالف به معتنقوه المذاهب الفقهية المعروفة .
3-  أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب سلفي العقيدة شأنه شأن من يدعو إلى منهج السلف الصالح في كل عصر و مصر ، يدعو إلى توحيد الله و إخلاص العبادة له سبحانه .
4-  أما مذهبه في الفروع فهو على مذهب الإمام أحمد بن حنبل مثلما أن هناك أحنافاً سلفيون و شوافع سلفيون و مالكية سلفيون .
5-  ان مما أساء للدعوة بعض المتعصبين و المتشددين من أبناء الدعوة ،بالكتابة و الخطابة،خاصة عند التعرض لمذاهب الناس و مرجعياتهم،أو بالتعميم في نقد التصوف و الحركات الصوفية..

وختاماً فهذه دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوة إصلاحية موافقة للقرآن والسنة متبعة مذهب أهل السنة والجماعة، ودعاتها أرادوا تنقية الدين وتجديده من الشرك والبدع والتقاليد الجاهلية، وهم كغيرهم من البشر ليسوا معصومين، قد يقع منهم الخطأ، ولكن من العدل أن توزن الأمور فمن طغى خيره وصلاحه وإصلاحه عذر فيما وقع منه من الأخطاء البسيطة التي هي من ضرورات البشر.



([1])بالنسبة إلى كلمة (الوهابية) فإن الكثير من الخصوم أطلقوا هذا اللقب على أتباع دعوة ابن عبد الوهاب ،ويريدون بذلك توهيم الناس أن الوهابية مذهب جديد أو مستقل عن سائر المذاهب الإسلامية،
([2]) انظر الكتب التي ألفت عن الشيخ ومنها: “عنوان المجد في تاريخ نجد”، عثمان بن بشر النجدي ،
السعودية 1973، “الشيخ محمد بن عبدالوهاب عقيدته السلفية“، أحمد بن حجر آل بو طامي، السعودية 1974، و “محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه”، مسعود الندوي، السعودية - 1984م. تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية، محمد بن سعد الشويعر،
([3])  رواه البخاري عن عروة عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
[7] - انظر انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية تأليف محمد كمال جمعة ص 63 – 87 .